خسر لبنان عمر كرامي.
رهبة الموت خيمت على مساحة الوطن، وخصوصاً على مدينته طرابلس التي حمل همومها ودافع عنها وصدح بصوت أهلها طوال 27 عاماً.
الموت الذي كان منتظراً وإستعجله بعض أصحاب النوايا الخبيثة بالشائعات، ترك وقعاً ثقيلاً جداً على محبي “الأفندي” الذين عايشوه ووقفوا معه في كل المحطات. وحتى على الذين يختلفون معه. فالرجل كان قامة وطنية، ولا يمكن لأي كان أن ينكر دوره ومواقفه، وإنجازاته لا سيما في العبور بلبنان من حالة الحرب الى دولة المؤسسات خلال حكومته الأولى في العام 1991 والتي حلت الميليشيات وجمعت السلاح.
لبنان من دون عمر كرامي يخسر نكهة خاصة كان طبعها “الأفندي” في الحكومات وفي مجلس النواب وفي الحياة السياسية عموماً، وفي الجانب الشخصي.
أما طرابلس فخسرت زعامة إستثنائية، وصمام أمان حافظ على حضورها، وتنوعها السياسي رغم كل الظروف، ورسخ بين أنصاره مبادئ كانت عصية على كل الإغراءات وإثارة الغرائز والتحريض المذهبي، لتبقى طرابلس أغلى من المال ولتستمر مرفوعة الرأس بـ “الكرامة”
غاب كرامي من دون أن تتلطخ يديه بالدم حتى عندما تعرض نجله الوزير فيصل كرامي لمحاولة إغتيال في زمن إستثمار طرابلس أمنياً لمصالح سياسية، فسارع الى سحب فتائل التفجير، وتعالى عن الجراح بالقول: “طالما فيصل بخير.. نسامح، ومن قام بهذا الفعل ليس طرابلسياً”.
غاب كرامي المعجون بالوطنية والعروبة وبقضية فلسطين وعاصمتها القدس الشريف التي لم تفارق نبضه السياسي، والمؤمن بأركان الدين الحنيف، والمدافع عن طائفته بقدر دفاعه عن العيش الواحد بين الطوائف والمذاهب.
مات عمر كرامي.. وقع الخبر على طرابلس كالصاعقة برغم الانتظار.
وكان الرئيس عمر كرامي رحل بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز الثمانين عاماً في مستشفى “الجامعة الأميركية” في بيروت.
نبذة عن الرئيس الراحل
ولد عمر عبد الحميد كرامي في 17 آذار 1935 في مدينة طرابلس الشمالية، وهو سليل عائلة سياسية، وطنية عريقة. والده الزعيم الاستقلالي عبد الحميد كرامي؛ حاكم لبنان الشمالي، ومفتي طرابلس ونائبها، ورئيس وزراء سابق.
متأهل من السيدة مريم قبطان ولهما أربعة أولاد: خالد وفيصل ويمن وزينة.
بدأ دراسته الجامعية في الجامعة الأميركية في بيروت ثم انتقل الى القاهرة حيث نال اجازة في الحقوق من جامعة القاهرة في العام 1956.
أسّس مكتباً خاصاً للمحاماة منذ العام 1956.
خاض ميدان الأعمال الحرة، وخصوصاً، قطاع البناء والإنشاءات.
قلّد الوشاح الأكبر للجمهورية اللبنانية في العام 1991.
أسس جامعة “المنار- مؤسسة رشيد كرامي للتعليم العالي”.
السجل السياسي:
ساهم في أعمال مؤتمر لوزان بصفه مستشاراً لرئيس الحكومة الأسبق رشيد كرامي.
تولى رئاسة “حزب التحرر العربي” في طرابلس بعد استشهاد شقيقه في العام 1987.
تولى وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة في حكومة سليم الحص العام 1989.
تولى رئاسة الحكومة اللبنانية في كانون الأول العام 1990 حتى أيار العام 1992.
أسقطت حكومته في العام 1992 بعد تظاهرات شعبية وحرق دواليب نتيجة ما عرف وقتها بـ”ثورة الجياع” بعد وصول الليرة اللبنانية إلى أسوأ مستوياتها مقابل الدولار (3000 ليرة للدولار الواحد).
أسس “حركة التحرر الوطني” في طرابلس العام 1992.
عيّن نائباً عن طرابلس في العام 1991.
انتخب نائباً عن طرابلس في الأعوام 1992، 1996 و2000
تولى رئاسة الحكومة اللبنانية العام 2004.
شارك مع “التكتل الطرابلسي”، الذي كان يضم النواب محمد الصفدي ومحمد كبارة والراحل موريس الفاضل، في إنشاء “اللقاء الطرابلسي”.
قدم استقالة حكومته في العام 2005 بعد تظاهرات شعبية حاشدة اثر استشهاد رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري واتهام شقيقته بهية هذه الحكومة بالتقصير، وحتى بالتورط، في قضية الاغتيال.
أعيد تكليفه بتشكيل الحكومة واستمرّت المشاورات حتى نيسان العام 2005 ولكنه لم يفلح بتشكيلها.
أسس “اللقاء الوطني اللبناني” الذي يضم عدداً من الشخصيات والقيادات من مختلف القوى والطوائف والمناطق اللبنانية.